( بحر المُتدارَك )*
شعر : حمد الراشدي
مسقط
٢٩ شوال ١٤٤٦ هـ - ٢٨ إبريل ٢٠٢٥ م
عَيناكِ سرِاجٌ في العُتَمِ
وبها الإبْحارُ إلى الحُلُمِ
لِلحُبِّ هِيَ الإلْهامُ لهُ
تَجْلو ، كالنُّورِ مِنَ الظُلُمِ
حَدَقٌ مِنْ تَحْتِ الجَفْنِ جلا
وصَفا كالْماس مِنَ الوَصَم
سِعةً كعُيونِ الرّيمِ زَهَتْ
والْبُؤْبُؤُ مِنْها كالعَلَمِ
لَمْ يُبْقِ خَلافَ قَذًى وبَدا
كالدُّرِّ مَعَ الوَسْمِيِّ رُمِيْ (١)
أَهِلالًا صِرْتُ أَرى وَبَها
كبَهاءِ البَدْرِ على الغِيَمِ ؟
أمْ رَسْمَ بديعٍ زاد سنًا
كسنا الياقوتِ على الخُتُمِ
والْعَيْنُ إذا نَعَستْ فَلها
سِحْرٌ لمْ يُشْفَ مِنَ السَّقَمِ
والسُّقْمُ بِغَضِّ الطَّرْفِ دهىٰ
بِرَزينِ العَقْلِ مِنَ القِدَمِ
وغَضيضُ الطَّرْفِ تَراهُ شَرىٰ
وابْتاعَ البارِعَ ذا الفَهَمِ
بِعُيونِكِ يا سَلْمىٰ سَفَرٌ
حَمَلَ الرّائينَ إلى السُّدُمِ
وهُناكَ دَنَوْا مِنْ حيثُ رَأوْا
كمْ قِيدَ بلحْظٍ مِنْ حَشِمِ
والذّنْبُ كما زعَموا نَظَرٌ
فاقْتِيدَ عِياناً بالجُرُمِ
لِهَوى الألْحاظِ إذا سهِمَتْ
مَصْروعٌ خَرَّ ولمْ يَقُمِ
لكِ يا سَلْمى في القلْبِ هَوًى
ولِعَيْنِكِ لا أقْوى بِلَمِ
قَدْ كُنْتُ بِداءً في حَذَرٍ
لٰكنْ سَلّمْتُ بِلا كَلِمِ
إنْ آتِ حِماكِ بهِ وَقَدٌ
ألْهَبْتُ النَّفْخَ على الضَّرَمِ
كم قِيلَ إزاها مَهْلَكةٌ
وفُضُولٌ قادَ إلى الأجَمِ
لو أنَّ لأسْلِحتي أَثَرًا
لمْ أُقْنَصْ مِنْها بالسّهَمِ
وتَلَقّى الجَنْبُ لِفُوْقَتِهِ (٢)
وتَحَنّى الخاضِبَ كالْعَنَمِ (٣)
فدعَوْتُ اللهَ لِمسْأَلتي
أنْ يُبْقِ السِّرَّ بِمُنْكتَمِ
حتى يتَعافى الجَنْبُ وإنْ
كانَ الإيلامُ بِلا ألَمِ
أوَيُؤلَمُ قَلْبٌ حِينَ غدا
لِلحُبِّ مَضيفًا بالأَمَمِ ؟ (٤)
كلّا ، بَلْ سُرَّ بما سلْمىٰ
أضْفَتْه وأبْدَتْ مِنْ كَرَمِ
بٍالقُرْبِ لِمَنْ لِلْوَصْلِ رَجا
كالعَفِّ وليسَ كَمُلْتَهِمِ
والوَصْلُ غدا قَدَرًا فَبِهِ
لا شيْءَ يَضيقُ على الهِمَمِ
لِلحُبِّ عَفافٌ يَحْرسُهُ
وبهِ لا خَوْفَ على الذِّمَمِ
لَوْلاهُ ما سَلِمَتْ فُضْلىٰ
وأُحِيطَ الحُسْنُ بِذي حُرُمِ
*هذا البحر من الأبحر النادرة الإستعمال . وورد في كتاب " المنهل الصافي على فاتح العروض والقوافي " للشيخ نور الدين السالمي ص ١٥٢ إصدار وزارة التراث القومي والثقافة – سلطنة عمان ١٩٨٢ أن بحر المتدارَك هو البحر السادس عشر من الأبحر المستعملة لمن يراه كذلك ، وقد استدركه الأخفش على الخليل ابن أحمد بعد أن أهمله الخليل . وبهذه القصيدة أكون قد كتبتُ شِعرًا في كلّ بحور الشعر العربي المعتمدة : الـ ١٥ التي وضعها الفراهيدي والسادس عشر الذي أضافه الأخفش .
١- الوسميّ : أول مطر الربيع .
٢- الفُوْقة : رأس السهم .
٣- العنَم : نباتٌ أزهارهُ قرمزية يُتخذ منها الخضاب .
٤- الأمَم : القُرْب .