في الرِّحابِ الفسيحِ يُلْفى زِحامُ

مُرْبكاً ، كم مِن مثلهِ قد يُرامُ

بيْد أنَّ الزحامَ حين تراهُ

من قريبٍ يُغريك فيه انْسجامُ

إنّ ما يبدو من بعيدٍ معيباً

زالَ عيبٌ إنْ نيطَ عنهُ اللثامُ

كيفما تبدو صورةٌ في غموضٍ

في اقْترابٍ منها جلا إعتامُ

ليس تسويفاً أن تجولَ اخْتياراً

ليس تغييباً أن يُراعَ احْتِكامُ

في التفاصيلِ لا كما قيلَ شرٌّ

بل سطوعٌ يُجلى به الإظلامُ

إنّ في تمحيص الأمورِ وقاءٌ

ما لرأيٍ ، حتى يُقاسَ ، تمامُ

وبذا في الرأيِ الذي أنت تُبدي

يَقصُرُ العزْمُ فيه لمّا يُغامُ

في الوَرى مَن يرى العزيمةَ أمراً

يتبعُ الرأيَ كي يُنالَ اغْتِنامُ

يسبقُ الرأيُ العزْم في كلِّ أمرٍ

ليس رأياً إذا البصيرةَ ناموا

هي أوْلى والرأيُ ثمّ قريبٌ

حينَها هُمْ وبالعزيمةِ قاموا 

كم لنا في السّرْدِ العمانيِّ نهْلٌ

للرؤى حازهُ رجالٌ عِظامُ

مِن قريبٍ في عهد قابوس نورٌ

لم يُفَتْ منه صالحٌ أو مَرامُ

ملِكٌ كان للسّدادِ خزيناً

مِنْه فكرٌ قد صيِنَ فيه الذّمامُ

ساسَ حتى علا بناءٌ عظيمٌ

غالِبٌ فيه العقلُ والإحكامُ

للتّروّي في نهجه وَفْرُ حظٍّ

والقرارُ الحكيمُ فيه انْتظامُ

هكذا في كلّ امْتحانٍ بليغٍ

حيثما واجبٌ إياهُ الْتزامُ

جاء خيراً إذ البلادُ تنادي

بعدما عانت واعْتلى إضرامُ

في التخُومِ القريبِ كان اعْتراكٌ

ولِنَهْشِ الجهلِ الذميمِ احْتِدامُ

صَوَّتَت أنفاسُ الصلاحِ لديهِ

النّما والرّخا بها والسلامُ

لم يَنُلْ مِن عزْمٍ له ما ترامى

مِن حُمولٍ سارت بها الأيامُ

ومضى بالحزم الأكيدِ يُداوي

كلَّ جُرحٍ حتى يعودَ الْتئامُ

مِن فيوضِ النور الذى كان يُحْبى

أحكمَ التسديدَ الذي لا يُذامُ

حكمةُ الأفذاذِ التي قد ولاها

أحرَزتْ نصْراً فانْطوى إيلامُ

فيه للناسِ حيث كانوا جميعاً

ما اسْتحقوا عدلاً و فيه نظامُ

فيه للأرضِ والبلاد اخْضرارٌ

في سبيلِ الرخاءِ دُورٌ تُقامُ

فيه للأجيالِ اهْتِداءٌ وضوءٌ

للمعالي مَن طالها لا يُضامُ

فيه للتاريخ اعْتبارٌ ودرسٌ

مَن أراد الُعلا يكون " عِصامُ "

فيه للعالَمِ المديدِ مثالٌ

كيف يُبْنى السلامُ فيه الوئامُ

فيه للدين موجَباتٌ وآيٌ

فارْتوى منها عالِمٌ أو إمامُ

ووفاءً - رسالةٌ - من فقيهٍ

سُلِّمتْ للقابوس مِنه احْترامُ

" السيابيُّ ابْنُ الجُمَيِّلِ " قُطْبٌ

لعُلومِ الشرعِ الذي لا يُسامُ

يسألُ الناسَ طاعةً للسلطا

نِ كما سنَّتْها له الأحكامُ

ومِنَ السلطانِ اعْتماداً وإذْناً

في الولايات جُمعةً ، فالْتُقامُ

هكذا العهدُ من قديمٍ جرى إذ

لأُولى الأمْرِ فيه سُبْقٌ سِهامُ

ولأربابِ العلْمِ مِمَّن حازوا

آيةَ التبليغِ السديدِ اعْتصامُ

وصروحُ الإسلامِ ماثِلةٌ شا

مخةً يرعاها ولاةٌ فِخامُ

ولتلك الصروحِ أنوار خيْرٍ

سطعتْ بالعلم اهْتَداهُ الكرامُ

ولقد كان العهدُ هذا مُضيئاً

وبنورٍ منهُ يُِضيءُ الأَمامُ

وعُمان العُلا وأُسْرتُها همْ

إنْ خلا سيِّدٌ يقوم هُمامُ

أُسرةُ البوسعيد قادت زماماً

ما ارْتخى فَتْلاً لا ولا أعْزامُ

ولَعصْرُ الأفذاذِ زاد رسوخاً

يومَ للهيثم اسْتخاروا وراموا

أيُّها السلطانُ المُفدَّى مليكاً

زُدْتَ إجلالاً وافْتداك الأنامُ

هُمْ بطوْعٍ لا ينثني لقياسٍ

فَلِما تُبْدي هُمْ يدٌ وحُسامُ

كيف لا والأمجادُ أنتَ عُلاها

من تليدٍ وطارفٍ ، طال هامُ

ورسمْتَ الأبعادَ واضحةً في

كلِّ شأنٍ يَرْقى به الأقوامُ

ورِحالٌ قد سُقْتَها حاملاتٍ

للقواصي ، في القلبِ تمّ اسْتلامُ

وعمانُ الغدِ الجميلِ تُلاقي

ما يُوافي عزماً له إقْدامُ

همُّكَ الأوّلُ الشبابُ فقد أعْ

طيتَهم حبْلَ القوْد فيه الزِمامُ

وحفظْتَ البلادَ نهضتَها إذ

كلُّ فعْلٍ يجري له إبرامُ

وكتبْتَ التاريخَ فصْلاً جديداً

للنظامِ الأسمى عليه اسْتنامُ

كان بالأمسِ ليس يُدْرى ويُخشى

مِن نزاعٍ ، واليومَ كُفَّ خِصامُ

غايةُ الإستقرارِ أغلى مراماً

وعليها يقوى السُدى واللُحامُ

قُمْتَ للمالِ مُنْعِماً لا ضنيناً

بلْ أميناً ، فلا يحيقُ اخْترامُ

أنتَ للناس قلبُهم وملاذٌ

في احْتلاكٍ إنْ عنَّ أمرٌ كَهامُ

ولِكلٍّ ضبْطٌ جرى واحْتياطٌ

تقتضيه الأيامُ والأعوامُ

تَسْعدُ الأجيالُ التي سوف تأتي

ولها النُعمى زانها الإكرامُ

رايةُ العدلِ في ذُراها تعالت

نصرُكَ الحقَّ ما اعْتراهُ فِصامُ

وعمانُ التي أنارت دروباً

بِكَ قد مُدِّتْ للسلامِ خيامُ

لمْ تُهرْوِلْ للغاصبِ المُتَمادي

فَلِواها حقٌّ وعدْلٌ يُقامُ

هكذا إرْثٌ مِن قديمٍ تسامى

وله في الأحداثِ قوْلٌ سلامُ