يا مُكثرَ الشّكوى
( بحر : الرّجَز )
شعر : حمد الراشدي
مسقط
٢٥ ذو الحجة ١٤٤٤ هـ - ١٣ يوليو ٢٠٢٣ م
يا مُكْثِرَ الشّكوى لماذا تَشْتَكي ؟
والكَوْنُ بَسّامٌ بوجْهٍ عاتِكِ
والأرضُ روْضٌ مِن جَمالٍ زاهرٍ
والحَقْلُ فَتّانٌ بهِ الوَرْدُ الزّكيْ
إنْ كُنْتَ تشْكو النّاسَ أوْ أضْغانَهم
مَنْ ذا تُلاقي في الْوَرى لمْ يُوعَكِ ؟
أوْ كُنْتَ ترْجو العالَمينَ اسْتَيْقظوا
يوْماً بلا غَدْرٍ ، فذا في النَّيْزَكِ
هلْ باتَ للشَّكْوى مَذاقٌ في اللُّها
أمْ أنَّ في الأحلامِ داءً يَتَّكي؟
هلْ تُبْصرِ الدُّنيا كما لو أنَّها
أنْساعُ خُوصٍ خانَها مَنْ يَفْلُكِ
أمْ أنَّها الألْحانُ مِن هَمْسِ المَسا
لمْ تَشْدُها الأطيارُ فوقَ اللّيْلكِ ؟
أمْ تَسْمعُ النَّغْماتِ في جَوْفِ الدُّجى
أصْداءَ جَوْقاتٍ بلحْنٍ مُرْبِكِ ؟
لوْ تَفْتَحِ الرُّوحَ التي أغْلَقْتَها
يَنْسابُ فيها نَبْعُ نهْرٍ ضاحِكِ
لو تَفْتَقِ الْوَقْرَ الذي أحْكَمْتَهُ
تَسْمعْ وتَعْجَبْ مِنْ طَقيقِ السُّنْبُكِ
وقْعٌ برَجْعٍ يَمْلأُ الدُّنْيا حَيا
ةً فيه ما يدْعوكَ قُمْ لِلْمُعْتَركِ
أنْفُضْ غُبارَ النُّقْمِ عنْ ثَوْبِ النُّهى
واغْسلْ قَريرَ الصّدْرِ والشُّؤْمَ اتْرُكِ
أُنْظرْ إلى ما قد تَجلّى واضحاً
إلاّ لإسْعادِ الْورى لمْ يُحْبَكِ
ألشَّمْسُ تُعْطيكَ الضِّيا مِنْ صُلْبِها
والْبَدْرُ يُهْديكَ السَّنا في الحالِكِ
والْغُصْنُ يُلْقي الظِّلَّ رِدْءًا مِنْ عَنا
أوْ حَرِّ قَيْضٍ أو هجيرٍ مُنْهِكِ
والماءُ ، يحْميكَ الصَّدى ، نَبْعٌ علا
يَمّاً جرى ، أو في غِمارِ المَسْلَكِ
تُغْريكَ زَهْراتُ النّدى للسَّيرِ مِن
صَوْبِ الرَّحيقِ ، انْطَلَّ ، كَيْما يُدْرَكِ
فاشْمُمْ وضُمْ ، واحْفظْ لها إحْسانَها
مِنْ بَعْدُ عُدْ واقْطَعْ سِياجَ المَشْبَكِ
ثُمَّ امْضِ بالْعَزْمِ الذي قد نِلْتَهُ
واسْرجْ حصاناً بالجَنانِ الفاتِكِ
لا تَجْعَلِ الْأحزانَ تَسْري في الدّما
قاوِمْ ببأْسِ الحزْمِ جَذْبَ المَبْرَكِ
والشُّؤمَ والْبُوْسَ اشْتَرِمْ إنْ عاوَدا
في النَّفْسِ فَتْلاً باغْتِزالِ الحائكِ